كانت عشرون دقيقة...جلسنا فيها مع حضرة القاضي في مكتبه في مخيم الزعتري.فتاة أتت مع خالها وزوج المستقبل، سألها القاضي عن عمرها وقالت سبعة عشرة - مع أنها تبدو أصغر- طلب وثيقة تبين السن الحقيقي لكن لم تتوفر.
إعلان
كان شكلها فرحا بما ستقدم عليه، تقف بجلبابها الاسود وبجانبها شاب لا يتعدى العشرين بشعر طويل مصفف بزيت الشعر وملابس عمله المغبرّة وحذاء مهترىء يدل على رقة الحال...
سألها القاضي هل تعرفين أن الزواج مسؤولية؟ قالت نعم...
القاضي: بتقدري تفتحي بيت وتكوني مسؤولة عن عيلة؟ قالت نعم (مبتسمة)
سأله: شو بتشتغل؟ بتقدر تكون مسؤول عن عيلة وأطفال؟ بتقدر تأمنلها بيت؟
قال: بشتغل بالمي... وأجاب بالايجاب على ما سُئل..
- تدخلت بعد إذن القاضي - وسألت الفتاة: عن جد عمرك 17 سنة ؟
هزت رأسها وابتسمت، قلت : انت بدك تتزوجي؟ ما بدك تتعلمي؟ جددت الابتسامة وهزت الرأس.. و
وقالت : أنا أصلا ما بحب (القراية) الدراسة..
سأل القاضي: أين ولي أمرها؟
الخال: أنا خالها
القاضي: أين أبوها؟
الخال: رجعوا كلهم على سوريا
- تدخلت بعد الإذن مرة أخرى- وسألت: تركوها هنا لوحدها ؟ هل هم موافقين؟ هل يعلمون أن ابنتهم ستتزوج؟
رد الخال: نعم هي واختها الصغيرة وخبرناهم وما عندهم مانع..
نظر القاضي الى الفتاة والفتى ثم نظر الينا وابتسم وطلب منهم بعض الأوراق ليعودوا ويعقدوا القران..
بعدها دخلت فتاة وأخوها .. قال القاضي :خير؟
الرجل : حالة طلاق يا سيدي، أنا أخوها وجوزها مش راضي ييجي..
المرأة : طلقني ثلاث مرات يا سيدي ومش راضي يثبت الطلاق وحارمني أشوف إبني..
على حد قولها عانت هذه السيدة التي لم تبلغ الثالثة والعشرين من الأمرين مع زوجها من ضرب وإهانة ولما تركته بعد أن طلقها الطلقة الثالثة، أخذ إبنها ذو الخمس سنوات ويريدها أن تبقى معلقة..
طلب القاضي بعض الأوراق وكتب مذكرة جلب بحق الزوج وسألها: بدك تاخذي ابنك وللا حق المشاهدة؟
قالت: اذا اخذته ما رح يصرف عليه ومنين بدي أعيشه؟ رد القاضي: بس يجيبوه رح أخليه يلتزم تشوفي ابنك..
خرجا وهم يدعوان للقاضي وهي تدعو على زوجها..
دخلت إمرأة عشرينية أخرى تريد تثبيت الطلاق، سألها القاضي : بدك صلح؟
قالت: ولا بدي اشي منه..
سألت القاضي : كم نسبة الزواج للطلاق يومياً ؟
قال: ما دام هناك زواج لمن لا يعون المسؤولية والحياة الزوجية فبالمقابل هناك طلاق .. هذه عادات اجتماعية أتوا بها من قراهم ومناطقهم، نحاول النصح دون جدوى على الاغلب للأسف.. مهمتنا الأساسية التوثيق لكي لا يضيع النسب والحقوق..
هذا السيناريو منقول كما حدث في أحد أيام شهر تشرين الثاني الباردة 2014 في مخيم الزعتري للاجئين السوريين ..
عروب صبح
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك