أن تتعرض منطقة لغضب الطبيعة، فهذا أمر وارد.لكن، أن يتعرض مواطنون في خطر لعبث السلطة، فهذا غير مقبول.
إعلان
منذ حوالي أسبوع، تهاطلت الأمطار بشكل غزير على مجموعة من المناطق المغربية. أمطار غزيرة إلى حد فاضت فيه السيول والأنهار بشكل مخيف مرعب. طرق مقطوعة. سيارات تغوص وسط السيول كفردة حذاء. أشخاص معلقون بغصن شجرة بانتظار أمل ينقذهم، قد يأتي وقد لا يأتي...
والحصيلة: اثنان وثلاثون قتيلا.
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
لكن الغبن لا يأتي حزنا من غضب الطبيعة. الغبن والغضب يأتيان من تدبير الكارثة الطبيعية من طرف المسؤولين السياسيين.
يمكن أن نتفهم أن رجال الدرك والوقاية المدنية كانوا تحت الضغط في مناطق كثيرة.
يمكن أن نتفهم حتى ضعف الإمكانيات في بعض المناطق.
لكن أسئلة مشروعة تبقى بدون أجوبة: ألم تُصدر مصالح الأرصاد الجوية بلاغاتها التحذيرية يومين قبل السيول الكثيرة؟
أين كان المسؤولون وأعوان السلطة في الدواوير الصغيرة؟ لماذا لا نعرف في هذا البلد الحزين استباق بعض الكوارث حين يكون ذلك ممكنا؟ لماذا علينا دائما، ورغم التحذير، انتظار وقوع الكارثة لكي نرتجل لها الحلول؟
ثم، وبعد حدوث الكارثة، أين كان المسؤلون؟ وزير التجهيز يعتبر تحطم قنطرة وطرق وطنية وجهوية ليس من مسؤوليته. وزير الداخلية يعتبر السائقين مسؤولين عن وفاة الضحايا لأنهم عبروا الوادي رغم منع السلطات، ويستمر في الحديث عن أمطار الخير والنماء ويدعو المواطنين أن لا يغامروا بحياتهم في مواجهة السيول...
نحن هنا في قلب الكوميديا السوداء.
وفي هذه الأثناء، ولكي نزيد من حجم الكارثة، يتم نقل جثت الضحايا... في شاحنة لنقل الأزبال.
لا شيء... لا غضبُ الطبيعة ولا فقر الإمكانيات يمكن أن يبرر الاستهانة بحياة وكرامة وموت المواطنين إلى هذا الحد.
رحم الله الضحايا... ومزيدا من الشجاعة للأحياء منا. ففي الكوارث، صرنا نعرف بأن حكوماتنا المتعاقبة، لا يعول عليها إلا للخطابات... وحتى هذه لا تتقنها بذكاء.
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك