تعودنا على الشيوخ الذين يصيحون في المنابر بالدعاء لله بأن ينزل الويل والثبور على شعوب الدول الأخرى، ولكن الجديد ما رأيته عند صديقي الناشط الذي تحول فجأة ليصبح مليء بالكراهية على الدول التي يختلف معها في التوجه السياسي. والغريب أن هذا الناشط استخدم نفس اسلوب الشيوخ الذين كان ينتقدهم ورأيته يغرد بدعاء متمنياً الدمار لتلك الدول التي يعتقد بأنها سبب خراب وطنه.
أتفهم أن يختلف صديقي سياسياً مع تلك الدول أو أن يعاني من فكرة دور الضحية وأن الآخرين سبب دمار بلده، ولكن لا أستطيع أبداً أن أفهم سبب تمنيه الدمار والمعاناة لتلك للشعوب. وكأنه لا يكفي ما نراه من اللاجئين والضحايا لنتمنى المزيد منهم. المؤسف أن صديقي الناشط يوصف بأنه ناشط في حقوق الإنسان، كيف يتمنى داعي الإنسانية والحقوق الخراب والدمار؟
هند الارياني، صحفية وناشطة اجتماعية، مدافعة عن حقوق المرأة والطفل، حاصلة على جائزة المرأة العربية لعام ٢٠١٧.
هذا ما يفعله التطرف السياسي والديني، وكما يجعلك رجال الدين المتطرفين تتحول الى إنسان عنيف، أيضا متابعة الاخبار ليل نهار تحولك لإنسان كارهاً لكل ما حولك. هناك نوع ثاني أقل تطرفا وكراهية لا يتمنى الدمار لتلك الدول، ولكن يقوم بمقاطعة زيارتها فقط لأن توجهها السياسي مخالف لتوجه بلده رغم عدم وجود أي مانع لزيارتها، ولكنه قرر ان يكره هذه الارض لسبب سياسي، حتى لو كانت هذه الارض قطعة من الجنه.
هذا النوع من الغباء والخلط بين السياسة وحبنا للأرض والشعوب باختلافاتهم قد يجعلك تشتم دوله وتقاطعها ثم بعد فتره قصيره تفاجأ بأن بلدك أو جماعتك غيرت سياستها وأنت يا مسكين يتم منعك من زيارتها بسبب تغريداتك المسيئة، ماذا استفدت من هذا كله غير أنك ملأت قلبك بالحقد وجذبت كل ما هو سلبي لحياتك، وحرمت نفسك من التمتع بزيارة دول مختلفة ومقابلة شعوب مختلفة ليس لها أي علاقة أو ذنب بأي سياسات تتغير كل يوم.
حكّم عقلك وتذكر، من كانوا أعداء البارحة هم أصدقاء اليوم وربما في المستقبل يجددوا العداء لا نعرف. هل يهمك هذا كله؟ هل أنت سياسي مستفيد مما يحدث؟ اذا كانت الاجابة بلا، اذا دعك من كل هذا واستمتع بزيارة كل بلد جميل وتمنى لهم كل خير.
هند الإرياني
