جائزةُ البوكر العالمية للرواية العربية. لأول مرة منذ 8 سنوات، وهو عمر الجائزة، يتم الإعلان عن لائحتها القصيرة بالمغرب، وذلك على هامش المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء.
قد يقول قائل: هي جائزة أدبية من بين أخرى كثيرة. ربما... لكن الأهمَّ، بالنسبة لي، أنها تقدم دعما عظيما للقراءة.
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
الكثيرون يتوقفون عند هويات أعضاء لجنة التحكيم وعند آليات اشتغالهم. هذا ليس أمرا سيئا في المطلق، لكني أرى الأمور من منظور آخر: لجنة التحكيم، بآليات اشتغالها وقوانينها الداخلية، لا يمكن أن تخلو من بعض الذاتية في تقييم أعمال أدبية. لكنها في النهاية تقدم خدمة أساسية للساحة الأدبية وللقارئ: الغربلة.
كيف ذلك؟ القارئ المتمرس يملك آلياته الخاصة لاختيار كُتابه ورواياته. قد يعجب بكتاب ولا يعجب بآخر. يمر من هذا الصنف إلى ذاك ببعض الخبرة وباختيارات تتطور وتتغير مع الزمن.
لكن، في مجتمعات تعاني من علاقة نفور حقيقية بين الكتاب وبين القارئ، ولا يشكل فيها الكتاب جزءا من الاهتمامات اليومية للمواطنين، فإن الراغب في القراءة قد يحتار أي الكتب يقتني وأي الكُتاب يقرأ.
من هذا المنطلق، أعتبر أن جائزة البوكر تتجاوز تقييم الروايات العربية المنتجة خلال سنة، لكي تقدم للقارئ المتمرس وغيره أفضل الاختيارات الروائية التي أنتجتها الساحة الأدبية في السنة. لماذا؟ لأن لا مهنية عدد من دور النشر في المنطقة، تتسبب في صدور أعمال أدبية لم تكن تستحق النشر، أو في أحسن الأحوال، كانت تحتاج إعادةَ اشتغال. هذه الأعمال قد تكون متعبة للقارئ وقد تجعل البعض ينفر من الكتاب ومن القراءة...
لجنة التحكيم تتكفل بإقصاء تلك الروايات لكي تقترح علينا لائحة طويلة من 16 رواية وأخرى قصيرة من 6 روايات، تكون من أجود ما قدمته الساحة الأدبية ومما يستحق منا الاهتمام والقراءة.
طبعا، البوكر ليست الجائزة الوحيدة في المنطقة في هذا الإطار، هناك جوائز أخرى كثيرة وطنية وعربية تقوم بمثل هذه الانتقاءات. هذا الفرز مهم وأساسي لأنه، كما قلت سابقا، يتجاوز التتويج ويتجاوز القيمة المادية للجائزة، لكي يشكل حافزا أساسيا للقراءة.
سناء العاجي