ويحل علينا مجددا الثامن من مارس. منذ بضعة أيام، بلاتوهات التلفزيون، البرامج الإذاعية، الجرائد، المجلات النسائية وغير النسائية، المواقع الإلكترونية.... الجميع يتحدث عن المرأة وعن عيدها العالمي.
أتأمل ما يحدث حولي... أتابع بعض النقاشات... ولا أنفعل. فمنذ سنوات، أصبحت لدي مناعة ضد هذا النوع من الاحتفاليات الموسمية.
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
أشعر بأن هناك طرفا ما يهبني، كامرأة، إكرامية الحديث عني، سخاء وجودا وكرما. الثامن من مارس لنا، وباقي أيام السنة لهم. أتذكر الأغنية الشعبية التي تغنيها البنات الصغيرات خلال أيام عاشوراء في المغرب: "هذا بابا عيشور، ما علينا حكام يا للا". بابا عيشور، كالأب نويل، هو الشخصية التخييلة المرافقة لاحتفالات عاشوراء في المغرب.
حين يحضر بابا عيشور في عاشوراء، يتوقف الحكم الذكوري على النساء. لكن حذار... "فقط في عاشوراء". في الأيام والأعياد الأخرى، سيعود علينا الحْكام. والفتيات الصغيرات لا يدركن عمق المأساة التي يتغنين بها فرحات.
وأنا... ككل سنة، أتأمل كل هذا وأرفض الاحتفال بالثامن من مارس. هل نخصص يوما في السنة للمرأة، وننساها خلال باقي أيام السنة؟ لا... ليس هناك يوم لحقوق المرأة، كما ليس ولا يجب أن يكون هناك يوم لحقوق الإنسان ولا لمناهضة التعذيب ولا للتنمية الاقتصادية.
المرأة، كما الرجل، شريكان في بناء المجتمع. مقاربة النوع لا تقتضي اختيار يوم نخصصه لها، ببرامجه وإعداداته واحتفاليته الموسمية. مقاربة النوع تقتضي أن ندمج المرأة والرجل في كل شؤون الحياة: التعليم، الصحة، العدالة، حقوق الإنسان، الفن، البرامج التلفزية.
الاحتفالية الموسمية، في كل المواضيع والقضايا، تعطينا راحة ضمير مرحلية وتقنعنا خطأ أننا نقدم خدمة جليلة لقضية ما: المرأة، الذاكرة، أصحاب الإعاقات الجسدية والنفسية، مكافحة التدخين، العدالة... بينما الواقع هو أن هذه القضايا لا يمكن أن تُحل بشكل جذري، إلا بتجاوز منطق الموسمية لإدماجها بشكل جدي في القضايا الراهنة والنقاشات اليومية.
سناء العاجي
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك