عروب صبح : "احترم نفسك"

المفارقة أن كل من يقترف هذا الفعل الشائن تراه على الجانب الآخر يضع قناع المحافظ الذي يخاف على امه وأخواته وزوجته أو من تخصه من النساء بصلة القربى فقط.

 

يصدر المجتمع العربي بنسائه ورجاله أحكاما مغلظة على أي انثى تتعرض للتحرش بأنها السبب وراء هذا الفعل إن وقع عليها فهي مصدر الشرور والغواية وهي من أخرج آدم من الجنة حسب الرواية التلمودية وإن خالفت هذه الرواية النص القرآني في سورة البقرة والذي يقول :" فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه" أزلهما (الاثنين) أي أغواهما (الاثنين) وزيّن لهما فعلهما...

 

في حوارات الناس على مواقع التواصل الاجتماعي ترى وتسمع كيف أن جريمة التحرش مقبولة اجتماعيا لأن مقترفها لا حول له ولا قوة وهو انسان مدفوع بسبب حركة او مظهر لم يستطع إلا أن ينقض عليه لفظاً او لمساً!

 

رغم أن دراسات أثبتت أن التحرش يقع على النساء بمختلف الأعمار فالطفلة والسيدة والشابة على حد سواء معرضات لهذا الفعل اللا أخلاقي.. تجد من يجزم كل الوقت أن مظهر الانثى أو حركة منها هو الذي يدفع الذكر لفعله الشائن! وهو في نفس الوقت يطالبها أن لا ترد أو تتحدث عما يحصل معها حتى تُتهم بأنها سبب التحرش أو تحرم من عملها أو علمها..

 

ذات مساء في اجتماع نسوي ضم العشرات من النساء من مختلف الاعمار والخلفيات الاجتماعية والعقائدية والثقافية وكان بينهن ممن وصلن الى درجات عليا في أعمالهن ..أن طرح سؤال عن من منهن تعرضت للتحرش .. رفعت جميع النساء الأيدي مما شكل مفاجأة للعدد القليل من الرجال الحاضرين!

 

وقتها لم أفهم أن هم كانوا قد تفاجأوا من العدد أم من الفكرة التي بالتأكيد أوحت لهم أنه على الأغلب لا توجد أنثى لم تتعرض للتحرش بما يشمل دوائرهم من النساء اللواتي اخترن الصمت..

 

أنا لا أتهم مجتمعاتنا أنها الوحيدة التي تعاني من هذا الفعل الشائن ولكننا بالتأكيد لم نحاول تفاديها أو تصحيح المفاهيم التي أدت الى تفاقمها، بل أن بعض مجتمعاتنا حتى لم تجرمها بالشكل الذي يضع حدّاً لمن يرى الرجل كصياد والمرأة كفريسة متاحة تنتظر الانقضاض عليها.