في أوقات كتير يصدمنا المجتمع بحزمة من التعليمات ليس لها أي مبرر، لا دين ولا أخلاق ولا تربية، ويتفنن المجتمع في تكتيفك بيها خاصة إذا كنتي امرأة !
إعلان
أحيانا تلاقي نفسك بتعملي حاجة هي في العرف الإنساني طبيعية ومنطقية وأحيانا ضرورية فيرد عليكي العارفين بقواعد وتقاليد المجتمع بكلمات وعبارات صادمة بتقول: عيب، ما يصحش، خلي في عينك حصوة ملح، إتكسفي ده اللي اختشوا ماتوا !
مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.
فيس بوك اضغط هنا
ولا فيه حد بيشرح إيه هو اللي عيب وليه ما يصحش، وأجيب حصوة ملح منين أنا دلوقتي طيب؟
ثم تمر سنين أو شهور أو أيام وتتغير نظرة المجتمع ويصبح العيب مقبول واللي ما يصحش يصح ويحط المجتمع نفسه في عين نفسه كيلو ملح مش حصوة واحدة.
أيام ما كنت في الكلية كان فتح الصيدليات في المدن الصغيرة في أقاليم مصر للأولاد بس وكان من غير المتعارف عليه إن بنات يفتحوا صيدليات !
كنا بنسمع كلام زي : ما يصحش بنات تقف في الشارع كده.. أو ..يا بنتي خطر بيبقى فيه مدمنين وناس وحشة يدخلوا عليكي و يبهدلوكي !
وبمجرد ما انتشر موضوع مندوبين الدعاية اللي كانت بتطلبهم شركات الأدوية من خريجي الصيدلة معظم الخريجين الشباب بقوا بيشتغلوا في شركات أدوية والساحة بقت فاضية، وفجأة أصبح المجتمع متصالح جدا مع فكرة إن البنات يفتحوا صيدليات، في المدينة اللي أنا عايشة فيها حاليا مثلا من بين كل ١٠ صيدليات ٨ بيحملوا أسامي بنات !
على صعيد آخر من سنين قليلة برضه كان من غير المتعارف عليه إن يبقى فيه ستات سايقين عربيات، ولو حصل وفيه بنت أهلها مدلعينها ومعلمينها تسوق ، كان الوضع ده بينتهي فورا بمجرد ما تروح بيت جوزها، الراجل موجود، يبقي إيه اللي هيخلي الهانم تبطل تسوق.
روحي يا أيام وتعالي يا أيام، ويبدو إن فيه شخص فطن قال لما يجرب حاجة جديدة فقال للمدام: "ما تاخدي إنتي العربية النهاردة وتجيبي الأولاد من المدرسة وتجيبي حاجة البيت بالمرة ".
بس يا سيدي وانتشرت الموضة زي النار في الهشيم، وامتلأت شوارع بلدنا الحبيبة بسيارات بتقودها أمهات بيوصلوا العيال للمدارس والنادي والدروس ويجيبوا حاجة البيت اليومية والأسبوعية والموسمية، وأصبح الرجل من دول بينعم بالتكييف معزز مكرم في بيته بينما الست هي اللي بتنزل تسوق وتتخانق وتدور على ركنه وتتخانق مع سياس، والمجتمع اللي كان متعصب من كام سنة وشايف سواقة الستات دلع ورفاهية، أصبح أعضاؤه بيستغربوا قوي لما يقابلوا واحدة ما بتعرفش تسوق.
أزيدك من الشعر بيت، هذا المجتمع المحافظ اللي كان بيشوف تدخين سيدة لسيجارة فعل كفيل بإنه يدمر سمعتها للأبد، أصبح الرجل فيه يجلس منتفخ الأوداج في أي كافيه ويطلب للست شيشة كانتلوب بعد ما استغلت الكافيهات لهفة بعض السيدات والبنات للخروج عن المألوف وتدخين الشيشة اللي كانت دايما مرتبطة بالرجالة اللي شواربهم يقف عليها الصقر.
وأدار المجتمع كالعادة ضهره للمشهد بحاله وبرطم بشوية كلام بيلف حوالين مصطلح "الحرية الشخصية" المصطلح اللي بيخرجه المجتمع وقت اللزوم من مخبأه تحت المرتبة!
الدروس المستفادة : الزمان قلاب وكله بيتغير ..فما تتشنجيش قوي دفاعا عن "نظرة" المجتمع زي ما بيسموها.. وما تخافيش منها أو تعملي لها حساب أو تسيبيها تكتفك وتوقفك..المجتمع أصلا أعور عنده عين سليمة والتانية عامية وبيختار يفتح أنهي عين فيهم ويقفل التانية حسب الظروف !
عيشي حياتك ضمن القواعد اللي بتحطيها إنتي بنفسك بما يتناسب مع أخلاقك ودينك وقيمك الأخلاقية الشخصية.. واللي مش عاجبه يبقى يحط هو في عينه حصوة ملح !
غادة عبد العال
*هذه المدونة باللغة العامية*
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك