صديقي العزيز ، صديقتي العزيزة!هل يشعر أيا منكم بأنه محاصر داخل قفص حديدي يمنعه من الحركة والتنفس؟هل يمر بأي منكم لحظات يتخيل فيها أنه مقيد، مربوط اليدين والقدمين حول شجرة في الطريق العام، عار الجسد منكس الرأس يسخر منه كل من هب ودب واللي يسوى واللي ما يسواش؟
لا تخجل ولا تحزن ولا تكتئب .. فتلك المشاعر لا تقول إلا أنك شخص مختلف، روح منطلقه تواقة للحرية لكن حظك السيء أدى إلى أن تولد في هذه المنطقة المميزة في العالم اللي بتتميز بإنك لو حاولت تكون في حالك .. فهتلاقي كل الناس اللي حواليك في حالك برضه !
مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.
فيس بوك اضغط هنا
عزيزي ذو النفس الحرة اللي بتثقل عليها الكم اللا نهائي من العادات والتقاليد واللي بتهدم أحلامه كلمات زي عيب وما يصحش وعيش عيشة أهلك ، واللي له عينين وراس يعمل اللي بيعملوه الناس، أحب أطمنك إن فيه وسيلة للهروب من كل ده بطريقة بسيطة جدا ألا وهي إنك تعمل عبيط !
مش بتلاقي مثلا في كل شلة أصحاب فيه شخص الكل بيعتبره عبيط وما يتاخدش على أي حاجة بيعملها ؟ .. قصة شعر غريبة، لبس مش لايق على بعضه، حاجات غريبة بيقراها وحاجات أغرب بيعبر عنها بكل انطلاق وكل ده بيعدي لأنه مشهور بإنه عبيط ، الشخص ده هو أحكم من على هذه الأرض، هو مثلك الأعلى اللي لازم تقتدي بيه، إذ هو خلق لنفسه حدود مختلفة عن حدود الآخرين، وتخلص من كل مناخير إتحطت في شئونه في مقابل تهمة مش هتعوقه عن السعادة ولا الإنجاز ألا وهي تهمة إنه " عبيط" !
جرب كده مثلا إنك تقول لأهلك إنك هتغير مهنتك من الطب للرسم مثلا وشايف إن الكاريير شيفت ده هيسعدك.. متخيل كم المناقشات، المقاطعات والتهديدات بالانتحار اللي هتقابل بيهم من أهلك اللي ما عندهومش أي مانع إنك تعيش تعيس طالما ده لن يحرمهم من لقب " أبو الدكتور راح، أم الدكتور جت ؟" متخيل بأه الاختلاف في رد الفعل ده لو انت معوّدهم أصلا إن انت عبيط وطول عمرك بتاخد قرارات عبيطة وهم غلبوا فيك وحطوا صوابعهم العشرة في الشق؟
طب جرب ترفض بنت طنط شاهيناز اللي جايباهالك أمك وهي بياض وحلاوة وتعليم وعيلة وضفرها برقبتك عشان ما استريحتلهاش ! .. مش هتقدر بأي طريقة تتحاشى الجوازة دي إلا إذا عملت عبيط !
جرب تقول ما باحبش المحشي، باكره كرة القدم، ناوي أسافر أكمل تعليمي في زائير عشان فيها التخصص اللي عايز أدرسه، جربي تشتغلي مدربة رفع أثقال، جربي تفتحي ورشة كبيرة بما إنك خريجة هندسة قسم ميكانيكا، جربي تقنعي أهلك إنك هتتجوزي الفقير اللي بتحبيه وهتكبروا سوا، صدقيني مستحيل إلا إذا كنتي من زمان بتتقني دور العبيطة وهو كمان لازم يكون محترف تمثيل دور العبيط !
أحدثكم من قلب التجربة، من واقع خبرتي كواحدة أخيرا عرفت تخلي الناس تسيبها في حالها بعد ما اكتشفت مؤخرا سر راحة البال.
فالسبيل الوحيد للعيش بحرية والبعد عن الناس الحشرية والتخلص من إصرار البعض على التسبب في إتعاسك بأن تكون زيهم وشبههم وما بتتصرفش بأي طريقة مختلفة تخليهم يشكوا في إنهم ضيعوا حياتهم هم كمان في منظومة روتينية عقيمة، هي إنك تسيبك من التظاهر بالعقل والتربية وسمعان الكلام، وتسيبك من محاولاتك المرهقة في إنك تنتمي للمجتمع وتفكر وتتصرف زي الكبار العاقلين، كل ده مش هيفيدك يوم ما تحب تخرج عن مسار بقية القطيع، الحل الوحيد عشان تحقق طموحاتك و تعيش حياتك وتحس إنك حر والسما هي حدودك الوحيدة صدقني، إنك تعمل عبيط !
غادة عبد العال
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك