مدونة اليوم

جمانة حداد: "بل حبله طويل! "

نشرت في:

لم يعد هناك من زاجر "أخلاقي" يمنع الناس من الكذب. كان الكذب في ما مضى عاهة أقلوية، تصيب النزر القليل من البشر، لكن عدواه تفشّت، فصارت مرضاً شائعاً في عصرنا، يكاد يحتل الكرة الأرضية ومن عليها. ولولا قلة منقرضة لا تزال تعاند التيار، أعني تيار الأمر الواقع، وترفض الرضوخ لهذا "الإله"، لكان علينا أن نعلن إن نسبة الكذب في العالم هي 99 في المئة، أي ما يوازي نسبة ما كان يناله الحكّام العرب في الانتخابات "الديموقراطية" قبل تهاوي الديكتاتوريات.

مونت كارلو الدولية
إعلان

 

 

أحياناً أتمنى لو يولد البشر مجهزين بأداة إنذار ضد الكذب، ترنّ صفارتها مثلاً كلما مارس أحدهم النفاق أو الخيانة أو الطعن بالظهر أو قال عكس ما يضمر به. أعرف أنني أهلوس، ولكن يجب أن يكون ثمة رادع ما، لكبح جماح هذا الجموح الفالت من عقاله، الذي يجعل الإنسان ينحدر الى أسفل الدرك، من دون أن ينخر ضميره أي وخز أو تأنيب، بما أن الرادع الأخلاقي لم يعد ذي مفعول يذكر.
 

شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".

فيس بوك اضغط هنا

تويتر اضغط هنا

كم نحن في أمس الحاجة الى كذب أقلّ. كم نريد أن نحيا ونقيم الروابط في ما بيننا، بصدق وشفافية. كم أشتهي أن يكون كلامنا نعم نعم، أو لا لا. يقول البعض إن الكذب حبله قصير. ولكن الواقع يثبت عكس ذلك.
 
على هامش هذه المسألة، يهمّني أن أوضح نقطة بالغة الدقة: نقول في عالم اللغة الأدبية: أجمل الأدب أكذبه. والقصد أن أجمله هو الأدب الذي يخترق سطح الواقع والحقيقة، عمقاً وارتفاعاً، بحثاً عن الخيال. عن الصورة، التي هي في معنى ما، كاذبة وغير حقيقية، لأنه ليس لها معادل في الواقع.
هذا النوع من الكذب، فقط هذا النوع، مقبول ومرحّب به. أما الباقي فلا.
 
جمانة حداد

 

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية