منذ بضعة أشهر، تحدثنا مطولا في المغرب، صحافة ومواقع اجتماعية، عن قضية الطفل عمران الذي تم اغتصابه بوحشية، قبل أن يحاول المغتصب دفنه حيا.
ثم قامت ضجة حول المواطنين الذين لا تروقهم اختيارات الآخرين، فيعنفونهم في بيوتهم أو في الشارع العام، وكأننا في غابة وليس في دولة يفترض أن يحكمها القانون. والدولة، بدل أن تعاقب المعتدين لأنهم يأخذون مكان ممثليها ويؤسسون لقانون الغاب، فهي تعطيهم الحق باسم الأخلاق، في مزايدات لا نعرف كيف ستتنتهي.
ثم جاءت نفايات إيطاليا التي استوردها المغرب لتثير ضجتها.
انشغلنا بعدها بالحديث حول تفويت الدولة لقطعة أرضية في أحد أرقى أحياء العاصمة، لوالي مدينة الرباط، بثمن أقل بكثير من الثمن المعمول به في المنطقة.
ثم سمعنا عن قصة طفلة كانت رفقة أبيها في حديقة الحيوانات، ألقى الفيل حجرا فأصاب الطفلة التي توفيت في المستشفى...
فنسينا الوالي وبقعته الأرضية.
وها هي الأخبار تنطلق منذ قليل حول محاولة هرب جماعي من إصلاحية عكاشة، وهو السجن المخصص للقاصرين في مدينة الدار البيضاء؛ مما تسبب في حريق داخل السجن وفي إصابة وربما وفاة العديد من النزلاء. وها نحن نخوض في ذلك وننسى أرض الوالي والنفايات الإيطالية والفيل...
السنة الماضية غرق مواطنون في الفيضانات... وتهدمت عمارتان قديمتان مات فيهما من مات... وحرقت بائعة نفسها احتجاحا على ظلم بعض المسؤولين...
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
كيف تطورت قضايا كل هؤلاء؟
لا أحد منا يهتم... فنحن نتبع جديد الموسم.
وفي كل مرة، ننهمك في التحليل والانتقاد والتنديد... ثم يأتي حدث جديد ينسينا ما كان قبله. لا نعرف كيف تطورت القضية. هل تحققت المطالب؟ هل كانت هناك محاكمات عادلة؟ هل استرجعت الدولة أملاكها؟ هل تم تغيير قانون ما؟ هل تمت معاقبة المسؤول الأمني أو السياسي المتهم وهل ثبتت إدانته؟...
كل هذا لا يهمنا... فنحن نناضل موسميا على المواقع الاجتماعية... نتبع موجة الجديد... نصرخ ونندد ونغضب خلف حواسيبنا... نشنق هذا ونضرب ذاك في بوستاتنا... بانتظار قضية جديدة تنقذنا من الملل.
نريح ضمائرنا... ولا نهتم كثيرا بالنتائج...
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك