غالبا ما أتساءل: ترى هل يمكن الإنسان أن يكون "صريحاً" حقاً، ومئة في المئة؟ هل يستطيع أن يكون نفسه وأن يتحدث بلا أي أكاذيب، أو مبالغات، أو عمليات إخفاء، أو ماكياج، أو محاولات لتحسين صورته؟كم أحبّ أن يكون ذلك ممكناً.
المسألة، كل المسألة، أن غالبيتنا تخاف. قد يبرر المرء الكذب بحماية الآخرين، أو بحاجته في المحافظة على حبهم أو احترامهم، لكنه في الواقع يخاف. فقط لا غير. كيف لا وهو موصولٌ، بحكم الأمر الواقع، بالمعطيات والظروف الموضوعية التي ترتبط بوجوده كائناً عائلياً ومجتمعياً وفكرياً وثقافياً. فإلى أي حدّ يستطيع أن لا "يراعي" هذه المعطيات والظروف؟
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
تويتر اضغط هنا
هذه بطولة في معنى ما. بطولة منع الذات من أن تتدخل في حجب ذاتها، أو في ممارسة التحوير والغش. صحيح أن الكشف بلا حساب قد يكبد الإنسان خسارة صداقات، أو أحبة، أو علاقات عمل، أو مصالح. لكنها في رأيي خسارات تستحق أن نتكبدها، وأن نجازف بتحملها، إذا كانت النتيجة شفافية تجعلنا أحراراً بحقّ.
غالباً ما أُلام على "فجاجتي"، وإصراري على تسمية الأشياء بأسمائها بلا تخفيف أو "مسايرة". لا بل غالباً ما أُسأل: "أما كان في وسعكِ أن تقولي الأمر نفسه بأسلوب أقل استفزازاً؟ ألا تعتقدين أنكِ لو فعلتِ ذلك لتجاوب عدد أكبر من الناس معك ولاستملتِ آراء تفضّل الإقناع الناعم على المواجهة الصادمة؟".
قد يكون ذلك صحيحاً. لكن المسألة، كل المسألة، أني لا أعيش حياتي لـ"أستميل" أو لـ"أُقنِع". أعيشها لأكون حقيقتي فحسب، على جمالها وعلى بشاعتها. أريد ممّن يحبني أن يحبني كما أنا. بلا روتوش.
أما الباقي، فلا يعنيني.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك