كلما تحدث أحدنا عن التحرش الجنسي، سيجد أشخاصا يقاطعونه قائلين: "لكن المشكلة أن هناك العديد من الفتيات اللواتي يغضبن حين لا يتم التحرش بهن، لأن ذلك يزرع لديهن الشك في أنوثتهن".
حين نتحدث عن العنف الجسدي والنفسي الذي يمارس على الآلاف من النساء عبر العالم، سنجد شخصا آخر يقاطعنا: "هناك نساء لا يحترمن الرجل ورجولته إلا إذا تعامل معهن بعنف. وإذا لم يكن عنيفا، سيعتبرن أنه ليس رجلا بما فيه الكفاية".
كاتبة وصحافية مغربية، لها مشاركات عديدة في العديد من المنابر المغربية والأجنبية. نشرت رواية "مجنونة يوسف" عام 2003 كما ساهمت في تأليف ثلاث كتب مشتركة: "رسائل إلى شاب مغربي"، "التغطية الصحافية للتنوع في المجتمع المغربي" و"النساء والديانات". نشرت عام 2017 كتاب "الجنسانية والعزوبة في المغرب"، وهي دراسة سوسيولوجية قامت بها للحصول على شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع من "معهد الدراسات السياسية" في إيكس أون بروفانس بفرنسا.
فيس بوك اضغط هنا
وحين نتحدث عن عقوبة المغتصب، سنجد أيضا من يقول لنا: "هناك العديد من الفتيات اللواتي يلفقن تهم الاغتصاب لرجال، هن من قمن بإغرائهم".
طيب... من المؤكد أن هذه العينات موجودة... نساء يلفقن تهم الاغتصاب ونساء لا يقسن أنوثتهن إلا بالتحرش ولا يقسن رجولة الرجل إلا بالعنف الذي يمارسه عليهن. لكن، لنتساءل، لنتساءل فقط:
هل كون هذه العينات موجودة يجعلنا ننفي وجود ظواهر الاغتصاب والتحرش والعنف النفسي والجسدي على نساء أخريات كثيرات يرفضن ويعانين من هذه الظواهر؟ هل وجود امرأة لا تنزعج من تحرش الرجال بها يعطي الحق للرجل في التحرش بباقي النساء؟ هل وجود نساء يلفقن تهم الاغتصاب، يمنع من التقصي في قضايا الاغتصاب، ومعاقبة الجاني في حال ثبوت التهمة ضده؟
هل مثلا سنعتبر أن وجود بعض الأشخاص الذين يلفقون تهم السرقة لأشخاص أبرياء، مانعا ضد متابعة اللصوص جميعا؟ وجود بعض الأشخاص، رجالا ونساء، ممن يحبون ممارسة العنف عليهم خلال العلاقة الحميمية، هل سنعتبر هذا عذرا لكي تتم ممارسة العنف على كل الرجال والنساء؟
بنفس الطريقة، لا يمكننا اعتماد عينات موجودة فعليا في المجتمع، لكي نمتنع عن رفض بل ومتابعة السلوكيات السلبية التي تعاني منها فئات أخرى كثيرة.
العنف والتحرش والاغتصاب جرائم يجب أن نرفضها مجتمعيا وقانونيا... ليس هناك ما يبررها، بما في ذلك الأفراد الذين يقبلونها. هذا اختيارهم الشخصي الذي لا يمكن أن يبرر الظلم على باقي الأطراف.
سناء العاجى
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك