الصورة التي يملكها العالم الحديث عنا نحن العرب ليست صورة ترفع الرأس. نحن في نظره شعوبٌ تملك المال وتبدّده، أكثر الأحيان، في غير مواضعه السليمة. ونحن في نظره شعوب تقمع المرأة باسم الدين، وتنتهك حقوق الانسان بألف طريقة وطريقة. ونحن في نظره شعوب لا تتكاتف بعضها مع بعض، بل تحارب بعضها بعضاً باسم معايير قبلية وحزبية وطائفية ضيقة.
هذا لا يعني أن العالم الحديث معه حقّ بالكامل. لكننا نتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، وبات من الضروري أن نعترف بذلك ونواجهه، بدلا من توجيه التهم إلى الآخر الذي ندعي أنه يظلمنا.
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
خذوا النمل مثلا: النمل يهبّ بعضه لمساعدة بعض، في حين أننا نحن نهبّ لإلغاء بعضنا البعض.
هي مفارقة مؤلمة ومخيفة في آن واحد. مؤلمة لأن الجنس البشري مثير للشفقة. وحاجته ماسة الى إعادة النظر في طبعه المجبول على الشرّ والإلغاء. وهي مفارقة مخيفة لأن هذا الجنس "يتفوق" على الحيوان في حيوانيته. فالخوف كل الخوف، ليس من الافتراس الحيواني لأنك تستطيع أن تحتمي منه، وإنما من الافتراس البشري المفاجئ وغير المتوقع، وقد يصل أحياناً الى حدود تثير الرعب الكامل. لماذا؟ لأنه افتراس عقلي واعٍ، عن سابق تصور وتصميم.
عارٌ على البشر أن يكونوا أقلّ وفاءً وأقلّ نبلا من الحيوانات.
لا بل إن الغريزة الحيوانية أكثر إنسانيةً وأعلى مقاماً وذكاءً من إنسانية بعض البشر ومن أخلاقياتهم ومن أخلاقيات معاييرهم وعقولهم وحساباتهم ومصالحهم وأنانياتهم.
لكن نستطيع أن نغيّر هذه الصورة، بالعمل الإيجابي المضاد.
إنها مسألة تصميم عموما، وإنسانية خصوصاً، ليس إلاّ.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك