مدونة اليوم

غادة عبد العال: الدلوعة

نشرت في:

الدلوعة هو الاسم اللي كانت بتعرف به كلقب خاص بيها لم يشاركها فيه أحد خلال سنوات الخمسينيات و الستينيات، لكن شادية اللي احتلت بأغانيها و أفلامها مكانة متميزة في قلوب الجمهور المصري ما كانتش بتمثل لينا فقط أيقونة للدلع و لكن مثال للأنوثة و العذوبة و الرقي و الشغف!

مونت كارلو الدولية
إعلان

هي دائما حاضرة في الأذهان رغم الغياب الطويل، بأغاني زي "ماما يا حلوة" في عيد الأم، و "ألو ألو إحنا هنا" في موسم نتايج الامتحانات و "خد بإيدي" وقت الاحتفال بالمولد النبوي و "مصر اليوم في عيد" في ذكرى عيد تحرير سينا، قلما تلاقي مناسبة لا تشارك فيها شادية الشعب المصري في الاحتفال بصوتها اللي بيجمع بين الشقاوة والدلع و النعومة و الشجن!

أما على شاشة السينما فكانت شخصيات شادية غالبا ما تتنوع بين الرقيقة ذات الذكاء، الدلوعة واسعة الحيلة، الأنثى العاقلة، الزوجة المحبة دون تنازل عن شخصيتها وطموحها!

كانت دايما راقية

حتى وهي بتلعب دور زوجة سواق قطر في" لوعة الحب" أمام أحمد مظهر و عمر الشريف تشعر إنها زوجة سواق قطر سليلة أسرة محمد علي من غير ما تشعر إنها نشاز أو مش لايقة على الدور، تغني "شي يا حماري" في فيلم" آمال بينما يراقبها محسن سرحان فتطلع أرقى أغنية للحمير ممكن تتخيلها، تتلون شادية و تلعب جميع الأدوار من أعلى السلم الاجتماعي و حتى أسفله لكنها لا تتخلى أبدا عن رقيها فهو علامتها المميزة!

كانت تمارس الدلع اللي ما بيوصلش أبدا لحد المياصة، الأنوثة اللي ما بتنزلش أبدا لحد الابتذال، الرقة اللي عمرها ما بتبقى مبرر للهشاشة، الخفة اللي ما بتطورش أبدا لقلة العقل!

كانت تختار بعناية أدوار الفتاة الرقيقة أو المرأة ذات الدلال لكن من غير ما تتحول أبدا لنموذج الفتاة الخانعة المهضوم حقها المظلومة من الجميع اللي بتتقبل ظلمها بانحنائة رأس وبربشة رموش!

في "الزوجة ١٣ "كان انتقامها من رشدي أباظة مثال لكيد النسا، في "مراتي مدير عام" ما منعهاش حبها لصلاح ذوالفقار من التمسك بنجاحها وطموحها، في "المرأة المجهولة" جابت رقبة كمال الشناوي بإزازة بعد سنين من العذاب، حتى في " لا تسألني من أنا" آخر أفلامها قبل الاعتزال كانت الأم المضحية اللي باعت إحدي بناتها عشان تقدر تصرف على بقية الأولاد لكن ما باعتهاش ونستها وفضلت لآخر لحظة جنبها بتقويها و بتحميها!

كانت تعشق الأدوار ذات السطح الناعم و الجوهر الصلب!

كانت شغوفة بعالم الأغاني حتى خدعت أبوها بخدعة بريئة أثناء تواجد ملحن صديق للعائلة في سهرة بيتوتية عشان يتعدها الملحن بالتدريب و المساعدة من غير ما أبوها يقدر يعترض!

كانت شغوفة بعالم التمثيل، فتلونت شخصياتها و تنوعت أدوارها و امتنعت عن الغناء في العديد من أفلامها لما كانت بتلاقي الأغاني مش مناسبة للشخصية، فكانت بتقوم ببطولة الفيلم على إنها شادية الممثلة العظيمة، مش بس شادية المطربة!

مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.

فيس بوك اضغط هنا

و لما اختارت الابتعاد و الانتقال بحياتها من خانة الفن لخانة الاعتزال و الالتزام، كانت شغوفة بعالمها الجديد للدرجة اللي ما تخلتش فيها عن قرارها بالابتعاد، و بينما كانت زميلاتها اللي ابتعدوا أو التزموا أو اعتزلوا في نفس الفترة و بنفس الطريقة بيروحوا و يرجعوا و يطلوا علينا من وقت للتاني و بعضهن رجعن للتمثيل، ظلت هي على قناعاتها و ثباتها و شغفها بالعالم الجديد!

وكأنها ترسل رسالة للجميع ملخصها إن شادية لما تعمل حاجة لازم تعملها بشكل مثالي، لما تغني تكون أفضل مطربة في فئتها، لما تمثل تكون واحدة من أعظم الممثلات في عصرها و لما تعتزل، تعتزل، الموضوع مافيهوش هزار!

بينما تتعرض الدلوعة الرقيقة القوية الشغوفة شادية لوعكة صحية قاسية حاليا، لا ننسى أن ندعو لها ونشكرها على كل هذا الرقي وكل تلك الأنوثة وكل هذه القوة وكل هذا الشغف الذين تركت بصماتهم في ذاكراتنا للأبد.

الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم

ابق على اطلاع دائم بالأخبار الدولية أينما كنت. حمل تطبيق مونت كارلو الدولية

شاهد الحلقات الأخرى