هذا الأسبوع شغلت ساحة مواقع التواصل الاجتماعي المصرية قطعتان من الملابس كانتا دوما الشغل الشاغل لكل أبناء الشرق الأوسط اللي خلصت كل مشاكله واتحلت كل معضلاته وانهزمت كل تحدياته، فبقى فاضي بأه ماوراهوش غير مايوه فلانة وحجاب علانة!
أما المايوه فقد ارتدته ناشطة كانت في فترة من الفترات وجها للثورة وصوتا لها، كانت مثال لفتاة مصرية محجبة من طبقة متوسطة صغيرة السن عظيمة الحماس.
مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.
فيس بوك اضغط هنا
ودار الزمن دورته وقامت الثورة واندحرت الثورة ومعاها أحلام وحماس الشباب، وكتير مننا بسبب الأحداث المتلاحقة اللي صهرت كل واحد فينا بدرجة حرارة متفاوته عن الآخرين اتغيرت شخصيته وقناعاته واتغير شكله بالتبعية.
وفضلت الناشطة الثورية السابقة معبرة برضه عن حالة التغير في المجتمع وشكلها اتغير، فوضع أحدهم صورتين ليها جنبا إلى جنب، واحدة قديمة بالحجاب وواحدة جديدة من غيره! فانهمرت اللعنات وانهالت الكلمات كالسياط تلسعها من كل اتجاه هاتفة: تعالوا اتفرجوا ع الست اللي كانت عاملالنا ثورية، أهي قلعت الحجاب ونازلة البحر بمايوه!
تسألهم طب وإيه علاقة اللي لبسته بالثورة؟! هي كانت ثورة دينية؟! هل تم سن قانون يمنع المصيفين مرتدي المايوه من القيام بالثورات، ولا تسمع إجابة واضحة ولا حتى تبرير مفهوم، ويبقى أتون الشتائم مشتعل تحت شعار:(أهو كيفنا كده وخلاص!)!
في نفس ذات الأسبوع اللي كانت فيه البلد بتنظم مؤتمر تم وصفه بالعالمي وتم دعوة شباب العالم إليه عشان يتناقشوا في حاجات أعقد من أن يفهمها أمثالي، دارت ندوة من الندوات بحضور عدد من الشخصيات اللي كانت إحداهن مصرية مقيمة في أمريكا اعترضت على أسلوب مديرة الندوة في مقاطعتها وعدم إعطاءها الفرصة للكلام، وانسحبت من الجلسة غاضبة.
فخرجت في دقايق ألف نظرية مؤامرة عنها وعن أصلها وفصلها وكونها مزقوقة من جهات خارجية لإفساد عرس المؤتمر، وهوب خرج حد برضه بصورة قديمة للدكتورة المنسحبة وهي لابسة الحجاب! وحطها جنبا لجنب مع صورة ليها جديدة وهوب تلاقي الكل بيصرخوا:(تعالوا تعالوا اتفرجوا ع الست اللي عاملالنا فيها نضيفة، أهي صورة ليها أهي وهي محجبة قبل ما تنضف).
الواحد يضرب كف على كف و يسأل الله تثبيت العقل والدين ويسأل الإخوة المعلقين : طب انتوا ازاي بتعتبروها نضفت لما خلعت الحجاب وبتعايروها بلبسه قبل ما تسافر؟! مش انتوا لسه كنتوا متضايقين من الناشطة اللي خلعته؟ دلوقتي بتعيروا الضيفة المنسحبة بلبسه في الماضي؟
طب يعني هو حلو والا وحش؟ وعاجبكم والا مش عاجبكم؟ وشيء يشرف والا منظر يعر؟! والا انتوا مالكم يا جماعة من أصله؟! وهل عمركم عايرتم راجل بلبس مايوه أو حلق شنب؟! هل عمركم راقبتم ناشط مثلا وعايرتوه انه ما بيصليش الجمعة؟
هل حصل قبل كده انكم اعتبرتم رجل بيئة عشان ماسك سبحة والا لبس جلابية في صلاة العيد؟!
هل حصل إن حد هاجم العلمانية مثلا باعتبارها هتقلع أبوك الجلابية والا كانت مشكلته بس إنها هتلبس أختك المايوه وتقلع أمك الحجاب لأن المتحدث عارف إن دي قمة سلم أولوياتكم؟!
هي أزياء الستات ليه في عرفنا أهم من ملابس الرجالة؟ وليه الحشمة أو التحرر قيم بنقيم بيها بس الستات عن طريق ملابسهم ونستخدمها في الطعن في عقولهم أو في شرفهم وفرصة سانحة لتصفية الخلافات السياسية أو الأيدولوجية بيننا وبينهم والرجالة متسابين طايحين كده في الدنيا يعني؟!
الاهتمام المركز على ملابس النساء في شرقنا الأوسط الطيب الجميل بيديني إحساس أحيانا اننا كلنا ماشيين في الشارع في عرض أزياء مستمر، يجلس فيه شعب الشرق الأوسط كله عشان يدينا درجات، ومهما لبسنا ومهما قلعنا ومهما روحنا ومهما جينا بتظل النتيجة اللي مرفوعة في وشنا دايما هي الصفر!
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك