بعد أيام أبلغ السابعة والاربعين من العمر. هكذا تنبئني بطاقة ولادتي. لكنّ الكثير مما فيّ يعترض على هذه الحقيقة ويحاول إقناعي بحقيقة بديلة.
قلبي، على سبيل المثال، يقول لي: أنت طفلة طائشة في السابعة. ألا تشعرين بي أخفق كالمجنون في صدرك، وكأن الكون سلسلة من المعجزات التي تكتشفينها للتو؟ صدقيني، أنت ما زلت طفلة في السابعة ولم تكبري يوماً واحداً بعد ذلك.
شاعرة وكاتبة وصحافية لبنانية، مسؤولة عن الصفحة الثقافية في جريدة "النهار" في بيروت. أستاذة في الجامعة اللبنانية - الأميركية وناشطة في مجال حقوق المرأة. أسست مجلة "جسد" الثقافية المتخصصة في آداب الجسد وعلومه وفنونه. أصدرت عشرات الكتب في الشعر والنثر والترجمة وأدب الأطفال لاقت صدى نقدياً واسعاً في لبنان والعالم العربي وتُرجم معظمها إلى لغات أجنبية. نالت جوائز عربية وعالمية عديدة. من آخر إصداراتها "هكذا قتلتُ شهرزاد" و"سوبرمان عربي".
فيس بوك اضغط هنا
أما روحي فتقول لي: لا تصدّقي القلب فبوصلته مرتبكة. أنت مراهقة حالمة في السابعة عشرة. ألا ترين رؤاك الكبيرة تحلّق فيّ كمن لم يختبر بعد سقطات الخيبة والإحباط؟ صدقيني، أنت ما زلت مراهقة في السابعة عشرة ولم تكبري يوماً واحدا بعد ذلك.
أما جسدي فيقول لي: لا تصدّقي الروح فجنوحها لا يعوّل عليه. أنت شابة حيوية في السابعة والعشرين. أولستُ ناراً شاهقة لا تني تغذي إرادتك بالمستحيلات الممكنة وتلتهم كل العوائق؟ صدقيني، أنت ما زلت شابة في السابعة والعشرين ولم تكبري يوماً واحدا بعد ذلك.
أما عقلي فيقول لي: لا تصدّقي الجسد فرزنامته غادرة. أنت امرأة ناضجة في السابعة والثلاثين. امرأةٌ شهدت واختبرت وتعلّمت واستخلصت. أولستُ مرشدك الأول، وحاميك من طعم الخوف والمرارة؟ صدقيني، أنت ما زلت امرأة في السابعة والثلاثين ولم تكبري يوماً واحدا بعد ذلك.
بعد أيام أبلغ السابعة والأربعين من العمر، وثمة الكثير مما لا أعرفه حتى الآن. لكني أعرف حق المعرفة أني طفلة ومراهقة وشابة وامرأة، كلّها في آن واحد. لا أشبه أياً منها لكني أشبهها معاً. طائشة حيناً وناضجة أحياناً. حالمة تارة وحيوية أطواراً. متعبة من هذه الحياة على الدوام، وسأظلّ.
عمري ألف عام منذ لحظة ولادتي، ولم أكبر يوماً واحداً بعد ذلك.
جمانة حداد
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك