تعتبر مسألة (تحجيب البنات) من المسائل الهامة والحيوية في حياة الشعوب العربية اليوم, وبينما يمتلئ الفضاء السايبري بأسئلة متعلقة بتربية الأطفال ولا سيما المراهقين, لكن بمتابعة بسيطة هنلاقي إن أسئلة زي: عايز أحجب بنتي أعمل إيه؟ عايز أحجب بنتي ومش راضية أجبرها ازاي؟ بتتكرر مئات المرات بينما من النادر إننا نشوف سؤال متعلق بالأولاد وانتظامهم في الصلاة مثلا أو تجاهلهم لمذاكرتهم أو حتى لتدخين السجاير.
فحجاب البنات أو تحجيبهم إقناعا أو إجبارا احتل منذ أوائل الثمانينات قمة هرم احتياجات الأسرة العربية، فيما يتعلق بعلاقتهم ببناتهم. بينما لا يحتل مخاطبتهم عن أهمية الصلاة أو الزكاة أو المذاكرة أو خطتهم المستقبلية في الحياة نفس الاهتمام.
وبينما يلجأ البعض للسؤال العام وبيتلقى نصايح بتتنوع بين (إقنعها بالعقل, إحبسها في أوضتها, قص لها شعرها واضربها بالحزام) بيصر البعض الآخر على أن يسأل أهل الذكر أو المتاح منهم عبر القنوات المختلفة من شيوخ المساجد في مساجدهم أو مواقع الإفتاء على الإنترنت ومؤخرا البرامج التليفزيونية الدينية.
ووقتها بتتنوع إجابات أهل الذكر بين (الإقناع باللين أو الدعاء بالهداية وحتى الحبس في المنزل حتى الاقتناع كما أفتى أحدهم وهو ما يؤسس لمدرسة إقناع جديدة تدعى :”الإقناع عبر الإجبار").
لكن ما أذاعته إحدى البرامج التليفزيونية مؤخرا من إجابة إحدى السيدات اللي بترتدي حجاب طويل وبتقدم نفسها على إنها خبيرة في شؤون المرأة وبتدي دورات عن تعلم الأنوثة والدلال من منطلق ديني، على سؤال أم بتتساءل عن إزاي ممكن تقنع بنتها اللي عندها 13 سنة بالحجاب، بيدق لنا شوية أجراس خطر.
الأستاذة الدكتورة ذات الوجه السمح وجهت الأم إنها تفهّم بنتها حقيقة مهمة جدا من وجهة نظرها، وهي إن الرجل غالبا ما بيبصش للبنت اللي بتلبس لبس ملفت، إذ إنه كده خلاص، شاف كل اللي عايز يشوفه، إنما البنت المحجبة اللي بتلبس لبس واسع وجيبة طويلة بتثير في خيال الرجل تساؤل بيقول :” يا ترى إيه اللي تحت الجيبة دي؟".
وهذا هو الهدف من الحجاب والملابس الواسعة في رأي الدكتورة المتخصصة في شؤون المرأة وحسن إسلامها، والهدف ببساطة هو إثارة خيال الرجال الجنسي وجذبهم أكثر بطريقة (شوق ولا تدوق)، أو اتباعا للشعارات اللي بتتكتب على مؤخرة الميكروباصات اللي بتصرح إن: (تحت العباية .. حكاية).
ولازم نعترف بيننا وبين نفسنا إن الخطاب ده هو من الخطابات اللي بيتم توجيهها للبنات، ماحدش بيتكلم بالوقاحة دي طبعا، لكن بتكون فيه إشارات لإن الحجاب هيزود فرص البنت في الزواج أو إنه بيزود غموضها فيزيد من جمالها، أو إنه زي ورقة السلوفان اللي بتزيد من رغبة الكل فيها لأنه بيغلفها كهدية في انتظار صاحب النصيب.
وهي دي الأهداف اللي بيسوق بيها الأهالي الحجاب لبناتهم إما لإن البنات في سن المراهقة والحصول على إعجاب الجنس الآخر بيحتل جزء كبير من تفكيرهم، أو لأن هو ده فعلا تفكير الأهالي اللي توقف عند رؤية بناتهم كسلع يجب تسويقها حسب مزاج السوق. وبما إن السوق اعتمد الحجاب كأحد أهم دوافع زيادة المبيعات، فياللا نبيع يا بنتي ربنا يهديكي لازم نحلي البضاعة عشان الزبون يشيل.
غادة عبد العال
مدونة وكاتبة مصرية ساخرة تمارس مهنة الصيدلة. بدأت مدونتها "عايزة اتجوز" عام 2006 قبل أن تنشر في كتاب عام 2009 تُرجم إلى لغات عدة عالمية منها الفرنسية وعرض في مسلسل حصل على الجائزة الفضية في مهرجان الإعلام العربي وحصلت عنه عبد العال على جائزة أحسن سيناريو. تكتب منذ 2009 مقالاً ثابتاً في الصحافة المصرية.
فيس بوك اضغط هنا
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك