تستضيف كابي لطيف في "بدون قناع" المخرجة السينمائية السورية هالة العبد الله المقيمة في باريس والتي تعتبر من جيل اليسار السوري المثقف الذي كان واعياً للأخطار التي تتهدد سوريا باكراً. أخرجت العديد من الأفلام التي تعالج معاناة الشعب السوري. وهي مستشارة وعضوة في لجان تحكيم سينمائية في الكثير من المهرجانات العالمية.
سوريا وحيدة جداً والشعب السوري دفع ثمن كل المصائب الموجودة في المنطقة
"لا أستطيع أن أشمل ما يحدث اليوم في سوريا مع ما يجري في المنطقة العربية، لأني أعتقد أن ما يحدث في سوريا مختلف جداً وأصعب بكثير، كما أنه أشد هولا بكثيرً. بعد مضي أربع سنوات على بدء الثورة السورية، أستطيع أن أقول إن سوريا وحيدة جداً وأن الشعب السوري دفع ثمن كل المصائب الموجودة في المنطقة. كما أن المشكلة الكبرى هي أن الموضوع يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ولكن الشيء الوحيد الذي لا يتغيَّر هو تضحية الشعب السوري والثمن الباهظ جداً الذي يدفعه هذا الشعب".
سيأتي اليوم الذي ستصبح فيه سوريا أخيراً حرة وديمقراطية
"كان السجن بالنسبة لأولاد جيلي أمراً لا بد منه، كنا على يقين بأننا كمجموعة تناضل في السر معرضون باستمرار لخطر الاعتقال، وبالتالي كنا مستعدين نفسياً للسجن ومؤمنين بأن السجن جزء من واجبنا السياسي. نحن في الخارج نحاول أن نساهم وأن نساعد وأن نكون إيجابيين، كما نحاول أن نمنح الأمل للناس في الداخل، ولكن ما حدث في سوريا يجعلنا نعجز عن التعبير أو حتى عن البكاء، رجالاً ونساءً، فجميعنا يشعر بأن ما يحدث فيه من الهمجية ومن العنف ما يفوق قدرة الإنسان على الفهم وعلى التقبُّل. اشتقت إلى كل المدن السورية، وعلى الرغم من كوننا لن ننسى ما حدث، لن ننسى الموت والدمار والعذاب والتهجير والفقدان... ولكني أتمنى ألاَّ يكون هذا الثمن الباهظ الذي ما يزال يدفعه الشعب السوري قد راح سدى، وأن يأتي اليوم الذي نقول فيه إن سوريا أصبحت أخيراً حرة وديمقراطية".
السينما مكان لإطلاق صرخة وللكشف عن الحقيقة
"أتت رغبتي في العمل في السينما من يقيني بضرورة وجود نوع من التبادل المستمر بين الناس، وبأن السينما هي المكان الأمثل لتشجيع هذا التبادل، خاصة لأنه بعدما أصبحت خارج سوريا شعرت بأنه لم يعد من الممكن أن أعمل في السياسة كما كنت أفعل عندما كنت أعيش هناك، إذ لم أكن مقتنعة على الإطلاق بإمكانية العمل في السياسة من الخارج. هذا ما قدني إذاً إلى العمل في السينما الوثائقية، لإحساسي بأنها إضافة لكونها مكاناً للتعبير، هي أيضاً مكان لإطلاق صرخة وللكشف عن الحقيقة، خاصة في بلد مثل سوريا".
أردت التعبير من خلال أفلامي عن الناس الذين لا يعبِّر عنهم أحد
"أثَّرت فرنسا فيني وتعلمت فيها كثيراً، كما تنفست هوائها الحر. إلاَّ أن علاقتي مع سوريا لم تتغيَّر خلال الثلاثين سنة التي مضت لأني مازلت أشعر كما عندما كنت في سن السادسة عشرة، أي بأن البلد بحاجة لي، تماماً كما تشعر الأم بأن طفلها بحاجة إليها حتى بعدما أن يبلغ سن الرشد. أحب أن أحكي عن سوريا من خلال أفلامي، وأحب أن أغيِّر كل الأفكار المسبقة عن سوريا، أي أن أؤكِّد على أن سوريا كلَّها ليست النظام السوري. أردت التعبير من خلال أفلامي عن الناس الذين لا يعبِّر عنهم أحد والذين يتعرضون لشتى أنواع القمع، وهذه مهمة نبيلة للفن يسعى إليها العديد من الفنانين السوريين في شتى المجالات ومن مختلف الأعمار، فهؤلاء الناس يدافعون أيضاً عما هو جميل وإنساني في الحياة، ومن حقهم أن يكونوا موجودين ومسموعين".
السينما الوثائقية في منطقتنا تحمل الكثير من البوح والرفض
"أرى أن السينما الوثائقية في منطقتنا هي شيء جديد تماماً ومختلف عن السينما الوثائقية في أوروبا أو في أماكن أخرى من العالم، لأن فيها هذا الهم المتعلِّق بإيجاد شكل جديد، شكل يأتي في معظم الأحيان من لا شيء، إذ ليست لدينا إمكانيات تقنية أو مادية عالية، كما ليس لدينا الوقت الكافي لإيجاد كل هذه الأشياء، وبالتالي تأتي هذه الأفلام حاملة شكلاً خاصاً ومختلفاً عن السائد، كما تحمل في الوقت نفسه الكثير من البوح والرفض. هذا التزاوج بين الشكل والمضمون خاص جداً بالمنطقة، ومختلف جداً عن أي مكان آخر في العالم".
سيرة ذاتية
ولدت في مدينة حماة عام 1956. وقفت في وجه الديكتاتورية في سوريا ودفعت الثمن قبل أن تنهي سنتها الجامعية الأولى في كلية الهندسة الزراعية فقضت أربعة عشر شهراً من "الاختفاء القسري" في السجون غادرت بعدها دمشق في أواخر السبعينات لتستقر في باريس. تترأس شركة "راماد" السينمائية في سوريا وهي خريجة جامعات باريس ودمشق في علم الوراثة والانثروبولوجيا. امتهنت السينما عام 1985 وشاركت في إنتاج وتأليف وإخراج الأفلام الروائية والوثائقية في سوريا ولبنان وفرنسا، شاركت في عضوية مهرجانات سينمائية عديدة منها "موسترا" الايطالي في البندقية ومهرجان "فيد" في مرسيليا وفي سويسرا ومصر وقطر. قامت بكتابة وإنتاج وإخراج أول فيلم سينمائي لها بعنوان "أنا التي تحمل الزهور إلى قبرها" عام 2006، وعُرض في أكثر من 55 بلداً حاصداً العديد من الجوائز ثم أخرجت فيلمها الثاني "هيه، لا تنسي الكمون" عام 2008، والثالث "كما لو أننا نمسك كوبرا".
الرسالة الإخباريةأبرز الأحداث الدولية صباح كل يوم
اشترك